انهارت هدنة الأيام الستة في اليمن قبل أن تبدأ، وكان من بذور انهيارها كونها «هدنة على دخنٍ» كما جاء في الحديث الشريف، حيث لا ترجع قلوب المتخاصمين على ما كانت عليه ولا يصفو بعضها لبعض. لقد كان متوقعا أن تحالف الحوثة/صالح سيطلبون وقف إطلاق النار لتفادي الانهيار العسكري كما في الهدنة الماضية، فوافقت الحكومة الشرعية لدوافع إنسانية. لكن المراقب لما يجري في اليمن يدرك أن الأزمة لا يحلها مبعوث أو مؤتمر أو هدنة.
لقد ذهب الزياني في وقت مبكر ولم تنجح المبادرة الخليجية لكثرة الخناجر اليمنية، وكأن لديها ظمأ هائل لا يرتوي للعنف. ثم عمل المبعوث الدولي جمال بن عمر لوقف القتال دعما لقرار مجلس الأمن 2216 محاولا خلق هدنة للتحول الانتقالي ولم ينجح. وهاهو المبعوث الحالي إسماعيل ولد الشيخ احمد يحاول تجميد القتال لأسباب إنسانية . ورغم أن تاريخ العلاقات الدولية يزخر بأكثر من مبعوث دولي خلق من نفسه رقما صعبا في الأزمات؛ إلا أن ذلك لم يتحقق، فقد اتهم بعضهم بالانحياز، أو أنه ارتدى دورا فضفاضا عليه لغياب دعم مجلس الأمن إلا من «قلق» يوزعه بان كي مون في ثنايا خطبه دون أن يردع ذلك القوى الإقليمية والدولية عن التدخل المصلحي السافر في الأزمة. كما يمكننا القول دون وجل إن ما عقد من لقاءات ومؤتمرات في داخل اليمن وخارجه من أجل القضية اليمنية يفوق عدد المؤتمرات التي عقدت من أجل القضية الفلسطينية بحكم تعنت الصهاينة، وقابلها الموافقات الفورية من كافة الأطراف في صنعاء لإشباع الإعلام، ولعلمهم أنه لن تكون عليهم التزامات من مخرجات اللقاءات الصاخبة.
بالعجمي الفصيح
إن النزعة الفوضوية التي طبعت الأزمة اليمنية قد أدت لمقتل 4000 شخص وهجر 1.5 مليون نسمة ومثلهم يواجهون المجاعة ونقص الدواء؛ فما الحل إذا كانت الأزمة اليمنية لا يحلها مبعوث أو مؤتمر أو هدنة؟
في وقت سابق كنا نتبنى أن من يجيب على هذا السؤال هم أصحاب نظريات العلاقات الدولية الفاصلة، فنهرب وكأن السؤال لا يعنينا. أما الآن ووفق حسابات المنطق البسيط ولحين استعادة اليمنيين لرشدهم السياسي، ورغم أننا لسنا دعاة حرب إلا أن ثمة مؤشرات تقرأ لصالح استمرار الحرب لفتح انسداد أفق الدبلوماسية المغلق.